العناية بالطفل

كيفية التعامل مع الطفل الأول في الحمل الثاني

التفكير في الانجاب مرة أخرى يشكل قلقا لدى البعض و حلما لدى البعض الآخر . لا ننكر أن الحمل و الولادة و التربية من أصعب المسؤوليات التي تكلف بها المرأة , لكن الله عزوجل اختصها بهذه المسؤولية المشرفة و جعل الجنة تحت أقدامها و جعل أيضا حسن تربيتها لأطفالها ترفعها الى أعلى عليين . لذلك تسعى كل ام الى اكتساب المقومات الأساسية لتربية جيل صالح .

الحمل الثاني سواء كان بعد الولادة الطبيعية أو الولادة القيصرية , موضوع يشغل بال كل أم تريد الانجاب مرة أخرى لكنها تخاف من المسؤولية للمرة الثانية و خاصة ان كانت تجربتها الأولى صعبة و مريرة .

لذلك في مقالنا اليوم سنحاول مساعدتك سيدتي للخروج من حالة القلق و التوتر و التفكير الزائد التي تمرين بها , سنساعدك بطرح مجموعة من المعلومات القيمة و المفيدة التي من شأنها أن تنير دربك و توضح الرؤية لديك .

هل سبق لك أن تسائلتي عن أهم الخطوات أو المراحل التي يجب عليك اتباعها قبل التفكير في الحمل الثاني ؟ هل لديك فكرة عن العمر المناسب للحمل الثاني ؟ هل تفكرين في ردة فعل ابنك الأول و هل سيتقبل ذلك ام لا و كيفية تهيئته نفسيا لوجود طفل آخر معكم ؟ ماذا ستفعلين للتوفيق بين طفلك الأول و مولودك الجديد ؟ و لا شك أن موضوع الغيرة يقلقك ؟

كل هذه التستؤلات ستجدين الاجابة عليها بين اسطر هذه المقالة فقط تابعي القراءة …

الاستعداد للحمل الثاني و العمر المناسب له :

ما يجب ان تعرفيه قبل الحمل الثاني :

أولا, أثبتت الدراسات أنه غالبا ما يكون الحمل الثاني أقل حدة من الأول , و أنه من الممكن أن تتشابه الأعراض . لكنه ليس بالقاعدة الثابتة , فقد يحدث بعض التغييرات و الاستثناءات في الحمل الثاني , حتى أن بعض النساء -و تبقى نسبتهم قليلة- ممن يظهر عليهن بعض الأعراض و المضاعفات التي تكون غير سارة مقارنة بالحمل الأول.

ثانيا , قبل الاقدام على الحمل الثاني , عليك ان تدرسي وضعك المادي جيدا , هل تمرين بظروف صعبة أم أن الأمر طبيعي و يمكنك تدبر الأمر بالاتفاق مع زوجك .

ثالثا , وضعك الصحي من أهم الأمور التي عليك الاهتمام بها , هل تمرين بمشاكل صحية مقلقة ؟ , عليك معالجة نفسك و الاهتمام بصحتك قبل الحمل .

رابعا , وضعية منزلك هل تسمح باستقبال مولود جديد ؟ ان كان منزلك ضيقا , ابحثي عن أفكار لاستغلال الأماكن الضيقة , و اعادة تدوير الأغراض و التخلص من كل ما لا تحتاجينه , و ما الى ذلك من الحيل الكثيرة .

خامسا , هل نفسيتك متقبلة للفكرة و هل أنت مستعدة لهذه التجربة مرة أخرى بكل حب و قوة ؟ , ما عليك الا الاستعانة بالله و التفكير في الموضوع بشكل ايجابي . و لا تنسي وظيفتك الساسية التي خلقت من أجلها (الأمومة) .

سادسا , كي لا تشعري بالتقصير تجاه طفلك الأول أو لتجنب ما يمكن ان يحدث له عليك أولا تهيئته نفسيا قبل الحمل و أثنائه, سنساعدك ببعض الخطوات في الفقرات اللاحقة .

سابعا , هل أنت أم عاملة أو مغتربة ؟ عليك التفكير جيدا فيما يخص عملك, هل هناك حل في ظل هذه الظروف الصعبة أم لابد من التضحية . و لا تنسي أن تربية أطفالك تربية سوية صالحة سليمة هذا أكبر استثمار و أعظم انجاز يمكن ان تقدميه للبشرية , و أأكد لك ان الله سيجازيك في الدنيا و الآخرة و سيترين العوض الجميل .

ثامنا , عليك ان تعرفي السن المناسبة للحمل الثاني و الأعراض الناتجة عنه و الفرق بين الحمل الأول و الثاني , تتبعي حملك عن طريق العديد من المقالات المتنوعة في هذا المجال و التطبيقات المساعدة في ذلك .

في النهاية , من المهم أن تعلمي أن كل حمل مختلف و فريد من نوعه , فلكل حمل مميزاته و ذاك الخليط من المشاعر المزدوجة بين القلق و الخوف و الفرح و البهجة . وحدك من يملك القرار .

العمر المناسب للحمل الثاني :

بينت دراسات و تحاليل أطباء النساء أن جسم المرأة يحتاج الى وقت كاف ليعيد بناء مخزون العناصر الغذائية من كالسيوم و فيتامين “د” و الحديد . و حتى يتمكن أيضا من استعادة قاع الحوض لقوته من جديد.

قام الأطباء باجراء تحليل ملخصه أنه من الأفضل أن يكون هناك فاصل زمني بين الطفل و الثاني لمدة تتراوح بين 18 شهرا و 4 سنوات تقريبا . فمن المستحسن ان يكون الفاصل 3 سنوات لأن الطفل الاول يكون قد بدأ بالاعتماد على نفسه .اذ عادة ما يتراجع ذاك الارتباط الوثيق بين الطفل و أمه في هذا السن . حتى انه سن دخول الطفل الاول للروضة ما يسمح للام بالاعتناء جيدا بالمولود الجديد.

تحتاج الولادة الطبيعية الى بين 6 و 9 اشهر ليستعيد الجسم قوته , أما الولادة القيصرية فالمدة لا تقل عن سنة فهي تعتبر جراحة و تحتاج الى مدة للاستشفاء منها.

أفكار لتهيئة الطفل الأول نفسيا لقدوم طفل جديد أثناء فترة الحمل :

مشاعر القلق و الحيرة من ردة فعل الطفل الأول أثناء رؤيته للمولود جديد طبيعية جدا و تنتاب كل أم تعيش هذه المرحلة . لا بد أن أي أم ستتسائل : كيف أمهد لابني الأول قدوم طفل جديد ؟ كيف أجهز طفلي لتلقي هذا الخبر ؟ كيف ستكون ردة فعله أتراه طبيعية ام سيؤثر الأمر سلبا على نفسيته و صحته ؟ كيف أحببه في الطفل الجديد ؟ كيف أخفف من غيرته ؟ كيف أتعامل معه اذا تغيرت تصرفاته خاصة فيما يتعلق بالرضاعة ؟ … و غيرها العديد و العديد من التساؤلات و الاستفسرات التي تتعلق بالمرحلة الأولى (أثناء الحمل ) و ما بعدها (بعد الولادة ) .

بداية سنقدم لك بعض الأفكار عن كيفية تهيئة طفلك نفسيا أثناء حملك:

*رغم صغر الطفل البكر الا أنه يتمتع بقدرات ممتازة على الفهم و الاستيعاب لذلك لابد لك من اخباره بموضوع الحمل , و يكون ذلك في الثلث الأول من الحمل لاحتمالية حدوث اجهاض اذا اخبرتيه قبل ذلك .

* تحدثي معه بكلمات واضحة , ضعي يده عل بطنك و حاولي اخباره موعد قدومه , ستنهال عليك بعض الأسئلة ما يتناسب مع سنه

* لا بأس بأن تخبريه انك لا تعلمين جنس المولود الجديد بعد و أنك ستأخذينه معك الى الطبيبة لتعلمكما بجنس البيبي .

*أريه صورته و ابدئي بوصف جسد أخيه الصغير (صورة الأشعة الفوق صوتيه )

*لا تنسي شراء بعض الملابس أو الألعاب الجديدة لطفلك الأول أثناء تسوقك لشراء أغراض المولود الجديد

*اسمحي لطفلك باقتناء بعض أثاث البيبي على ذوقه الخاص كي يتقبل وجوده في غرفته

*اخبريه أن أخاه الصغير لن يتمكن من التعبير عن مشاعره و حاجاته الا بالبكاء ثم اشرحي له أنك ستهتمين به و ستعطيه الدواء لتخفيف آلامه كي يكون مهيئا للتغييرات الجديدة التي ستحدث في البيت.

*استمري دائما في تذكير طفلك أن اخاه سيكون صغيرا جدا و لن يستطيع المشي و لا القراءة و أنه سيكون بحاجته ليعلمه و يساعده و اشكريه و عانقيه ان كان مستعدا لذلك

*من الأفكار الجميلة التي تعزز علاقة طفلك بأخيه أن تقومي في شهرك الأخير بلف هدية مميزة مع طفلك لأخيه و تقديمها له أثناء قدومه لزيارتك في المشفى

*لا بأس بأن تخبري المقربين منك مثل والدتك أو والدة زوجك أو حتى أصدقائك المقربين بأن يحضروا هدية رمزية لطفلك أثناء ولادة الثاني و حتى أنت يمكنك القيام بذلك كي لا تسهموا بطريقة غير مقصودة في اشعال نار الغيرة في نفس الطفل الأول

*اشغلي وقتك بالقراءة و البحث عن طرق التعامل مع الطفل الأول أثناء ولادة طفل جديد و عن دور الأخ الكبير و العلاقات الأسرية كي تكوني جاهزة للتعامل مع أي موقف طارئ دون تفريق و لا تمييز .

*شاهدي مع طفلك بعض المواقف و الصور لاخوة صغار السن كيف يكونوا متعاونين و متحابين

*استمعي الى أحاديثه , دعيه يفصح لك عن مشاعره المختلفة حول هذا الموضوع و طمئنيه بتميزه و تفرده و أنه سيكون خير معين لك و خير سند لأخيه . استخدمي الأسلوب الصحيح في الحوار -الذي تطرقنا له في مقال سابق- لتتمكني من معرفة ما يختلج طفلك من مشاعر و احاسيس .

*اسمحي لولدك برؤية اخيه الصغير في يوم ولادته.

التوفيق بين الطفل الأول و المولود الجديد :

يتغير نمط الحياة كثيرا بعد ولادة طفل ثان جديد , سواء على الطفل الأول أو على بقية العائلة خاصة الأم . يحتاج المولود الجديد الى الكثير من الرعاية و الاهتمام , و الأمر مختلف عن المرة السابقة حيث بامكان الأم تكريس كل وقتها لطفلها الوحيد بينما هذه المرة فهي ملزمة للتوفيق بين طفليها في كل الحاجيات . و رغم أن الصغير يحتاج مقدارا مضاعفا من الرعاية الا أن الأكبر أيضا يحتاج الى الانتباه اليه و عدم اهماله ابدا . لأن ذلك سيؤثر سلبا على نفسيته , على تصرفاته و خاصة على علاقته بأخيه .

لذلك التهيئة النفسية ضرورية منذ فترة الحمل كخطوة أولى . و الآن لا شك أن الأم تبحث عن كيفية التوفيق بين الاثنين و عدم التمييز بينهما و كيف ستحافظ على الجو العائلي الوطيد و هي في غاية التعب و الارهاق ؟

بداية عليك عزيزتي أن تتحلي بالكثير من الصبر و التضحية أيضا حتى يتعود بكرك على أخاه الصغير الرضيع , اليك هذه الخطوات المساعدة لك في التوفيق بين طفليك :

  • اخبري زوجك أن يحضر طفلك الأول الى المستشفى , لا تنسي احتضانه و تقبيله و اسمحي له برؤية أخيه .
  • اذا عبر طفلك عن رغبته في تقبيل أو لمس أخيه فلا تمنعيه بل علميه الهدوء و اللطف و غسل اليدين مخافة نقل الجراثيم اليه . اثني عليه ان احسن التصرف . لكن هذا لا يمنع من المراقبة و التفقد عن بعد .
  • لا تشتكي من بكاء الطفل الرضيع لابنك البكر فسيقلدك و سيسعى لاسكات اخيه كي لا تحزني و ستنتقل اليه مشاعر التذمر و القلق منه .
  • أهم ما يمكنك فعله في هذه المرحلة هي الحوار و الحديث طول الوقت , فمن المهم ان تشرحي لطفلك الاول أهمية دوره كأخ كبير كي يتفهم وضعك لكن احذري من تحميله مسؤولية كبيرة على عاتقه فهو لا يزال صغيرا و لا يجب ان يكره مصطلح أو مفهوم الطفل الكبير .
  • استغلي نوم الرضيع أو انشغال زوجك معه في قضائه مع طفلك الأكبر باللعب معه أو الأحاديث أو القصص المسلية . لا تحرميه من وقت خاص به بل اسعي جاهدة الى تخصيص وقت له و لو كان بعض الدقائق و اغمريه بحبك و حنانك بالاحتضان و التقبيل و الكلمات الجميلة , كي لا يشعر أن قدوم أخيه ابعدك عنه .
  • اطلبي من زوجك أو والدك أو أخوة زوجك بأخذ ابنك الى الحديقة للتسلية . ذلك سيساعدك على الاهتمام بالبيبي الجديد او نيل بعض الراحة بينما يستمتع طفلك الأكبر بوقته.
  • دخول طفلك للروضة أو المدرسة سيساعدك جدا في التوفيق بين اشغالك و طفليك لكن انتبهي لا يجب أن تتزامن الفترتين (الروضة و ولادة المولود الثاني).

لكل سن طريقة خاصة في التعامل معه حول هذا الموضوع .فالطفل دون العامين لن يفهم معنى وجود أخ جديد في حياته , اذ يمكنك ايصال الفكرة عبر الصور أو القصص أو اعطاء أمثلة من العائلة و ان لم يفهم ذلك بالتحديد. أما الطفل الأكبر قليلا , فهذا السن ينفع معه الحوار الصحيح حتى أن أسلوب مشاركته في تربية أخيه نافع و مفيد ليتقبل الفكرة , لذلك احرصي على النقاط السابقة التي ذكرناها خلال فترة الحمل خاصة خروجه معك لشراء الأغراض . و بالنسبة للطفل في عمر المدرسة , فحتما ستتوقد لديه مشاعر الغيرة في هذا السن احرصي على ايصال مفهوم دور الأخ الأكبر بشكل صحيح . و امنحيه انت ووالديه بعض الوقت الخاص به .و كرري على مسامعه أن أخاه لا يزال صغيرا جدا و يحتاج الى رعاية كبيرة كما فعلت معه سابقا. و أنك في حاجة اليه ليساعدك في الاعتناء و الاهتمام به . أثني عليه و كافئيه على ذلك .

الغيرة من المولود الجديد :

في الواقع , موضوع الغيرة موضوع كبير و وواسع و يحتاج الى الكثير من المعلومات لفهمه جيدا و معرفة الطرق المناسبة للتعامل معه . لكن اليوم في هذه الفقرة سنتحدث عن غيرة الطفل الأول من المولود الجديد بشكل مبسط و سريع و سنحاول تسليط الضوء على أهم الأفكار و المعلومات التي  من شأنها أن تساعد كل أم لتحسن التصرف مع مشاعر الغيرة .( يمكننا تفصيل الموضوع و شرحه أكثر في مقال آخر )

من الطبيعي جدا أن يشعر الطفل الأول بمشاعر غريبة من بينها القلق و الانزعاج و الغيرة من شخص جديد دخل بيته و نال حب و احضان و اهتمام والديه , بعد أن كان كل الحب و كل الرعاية له , دخل هذا الكائن الصغير حياته و استولى على اهتمام والديه و على غرفة والديه و على أغراضه و لعبه .

مشاعر الغيرة هي مشاعر طبيعية فطرية لذلك نحن من واجبنا حسن التصرف و التعامل معها . رغم أهمية التهيئة النفسية قبل الولادة فان بعض الأطفال قد تتغير سلوكياتهم و تنقلب فجأة رغم كل الخطوات السابقة ذكرها .

حلول للتعامل مع غيرة الطفل من المولود الجديد :

*المبالغة وفي التدليل او التقصير في الاهتمام بالطفل الأول يدفعانه الى الشعور بالغيرة من أخوه الجديد

*يجب أن يكون حبك لطفلك غير مشروط , لا تقل له افعل كذا لاخوك لأحبك .. حتما سيشعر بالغيرة و ستتحول الى حقد

*اعط لطفلك الأكبر مسؤوليات متعلقة بأخيه سيشعر أنه الأكبر المتولي لشؤون شقيقه الصغير

*شاهد مع طفلك صوره عندما كان صغيرا , و أخبره أنه هو أيضا مر بهذه المرحلة من الاهتمام و الرعاية الفائقة التي يتلقاه شقيقه الصغير الآن .

*من أهم الخطوات التي تدفع عن طفلك الغيرة , هو استشارته عن رأيه في بعض الأمور العائلية

*عزز ثقة طفلك بنفسه بشكره و الثناء عليه كلما احسن التصرف

*رواية القصص من أهم الأساليب التي تجنبك غيرة ابنك من أخيه , اختر القصص التي تتحدث عن أهمية المودة بين الاخوة أو ألف قصص من خيالك تبين فيها كيف يهتم الطفل الكبير بالصغير …

*احرص دائما على غرس قيم التعاون و الألفة بين الأخوة . رغم كل ما يحدث من خلافات و شجارات بين الأخوة الا أنهم يبقوا متعاونين و متحابين .

تطرقنا الى عدة جوانب في هذا المقال . حرصنا على تقديم أهم المعلومات و التفاصيل حول هذا الموضوع بالاستناد الى آراء و خبرات المختصين كالدكتور جاسم مطوع و غيره من الأطباء .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق