العناية بالطفل

العناد لدى الاطفال : اسبابه , مميزاته, علاجه

العناد او الاصرار, من السلوكيات التي يرفضها الوالدين . فكثير من الاولياء يلتجئون الى اساليب مرفوضة تماما للتعامل مع ظاهرة العناد كالضرب و العنف من جهة او التحدي و مقابلة العناد بعناد اكبر من جهة ثانية, اذ سينجر عن ذلك تدمير العلاقة بين الطرفين اولا و تحطيم شخصية الطفل ثانيا .

في الواقع , مثل هذه التصرفات غير مقبولة فهي تدمر النمو النفسي للطفل و بذلك تحتاج الى مراجعة و تعديل للتعامل مع عناد الاطفال . لذلك وجب على كل مربي ان يحيط علما بكل متطلبات هذه المرحلة مرحلة الرفض و تكرار كلمة “لا” في كل لحظة .

لذلك عزيزي القارئ ساقدم لك اليوم شرحا مفصلا عن مفهوم سلوك الرفض و العناد عند الاطفال و ماهي اسباب و دوافع هذا الاصرار و العند المستمر ؟ و سنتعرف سويا على مميزات و اسرار هذا السلوك ثم  سنقدم بعض الطرق التي تساعد على التقليل من حدة عناد الطفل العنيد و في النهاية ساشرح ابرز نتائج عدم تقبل الوالدين لطفلهما العنيد و مآل هذه العلاقة.

مفهوم ظاهرة

العناد عند الاطفال :

العناد هي مرحلة عمرية يمر بها كل انسان , و هي ضرورية للطفل تبدأ بالظهور من عمر السنتين تقريبا .

عند ولادة الطفل يكون مرتبط بوالدته باتم معنى الكلمة و بكل شكل من الاشكال. لكن مع تقدمه في العمر يحتاج الطفل الى الانفصال و الفطام هو الخطوة الاولى . ثم يبدأ باثبات بانه كائن مستقل

و العناد هو ليس بالسلوك السيئ ابدا بل العكس هو دليل على السلامة و الصحة و النمو النفسي لدى الطفل و مؤشر ايجابي على انه شخصية طبيعية سوية . و سنتعمق في شرح ذاك في جزء المميزات.

هناك نوعين من العناد :

  • عناد طبيعي : دليل على طفل ذو شخصية مسيطرة سوية و صحة نفسية
  • عناد مرضي: وهو اضطراب سلوكي يحتاج الى علاج و معاينة من قبل الاطباء و المختصين

اسباب العناد :

ما الذي يدفع ابني لعدم الاستجابة و تنفيذ اوامري ؟

هذا هو السؤال الذي يجول في خاطر كل ام او اب او حتى مربي خارجي . لذلك سنحاول تبسيط الوضعية و البحث عن الاسباب التي تجعل الطفل يرفض و يصر و لا يسمع الكلام

العناد سلوك يميل الى المعارضة و المخالفة  و سبق لنا ان تعرفنا و ميزنا بين النوعين من العناد و اصبح بامكاننا التقييم و المعاينة و معرفة اي النوع نواجه. لكن عادة في اغلب الوضعيات يشتكي الوالدين من العناد الطبيعي .

فكل اب او ام يرون في معارضة طفلهم لهم تحديا لسلطتهم و مكانتهم كآباء و يقيمونه على انه سلوك سلبي و يجب ايقافه. لكن عناد و اصرار الاطفال على ارائهم لعدة اسباب طبيعية منها :

1/طريقة للتعبير و التبليغ :

-هذه تقريبا أهم نقطة يدور حولها موضوعنا – فالعناد هي لغة تعبيره عن استقلاليته و اصراره على رايه . فالطفل لما يعاند معناه انه بدأ بالانطلاق و الاكتشاف و الاستقلال . يريد معرفة ردود أفعالنا و اكتشاف الاشياء من حوله و القيام باعمال و ممارسات خاصة بهم .

العناد الطبيعي دليل على النمو النفسي الذي يساعد على تنمية المهارات و زيادة الثقة بالنفس

2/التقليد :

من اسباب العناد هو تقليد الطفل لاهله , لا تنتظر منه اطاعتك و تنفيذ اوامرك و انت ترفض تلبية ابسط رغباته بحجة انك ادرى بمصلحته . فالطفل في هذه الفترة العمرية لا يستطيع التمييز بل هو بارع في التقلييد و التسجيل و المقارنة . اضف الى ذلك تلك المشاحنات و الشجارات و النقاشات الصارمة التي تحوم حوله . لا تفتح اي باب جدال بحضور طفلك . فانت القدوة فكن كما تريد طفلك ان يكون

3/اثبات الذات و لفت الانتباه :

من اهم الدوافع لسلوك الرفض و التذمر هو رغبته في اثبات ذاته بين الكبار و يحاول بشتى الطرق على رأسها العناد و الاصرار للاهتمام به و التركيز معه و مع احاديثه خاصة ان كان فاقد لجلسات الاستماع و الحوار مع والديه . وهذا ايضا يندرج ضمن قائمة الاستقلالية و اثبات الذات

مميزات سلوك العناد :

العناد في حد ذاته ليس بالسلوك السئ الذي يستدعي الضرب و التعنيف بل هو من السلوكيات التي تحتاج الى تعديل و توجيه و صبر.

الطفل العنيد هو طفل قوي الشخصية , يريد اثبات وجوده, يريد ايصال رايه  , يريد التعبير عن موقفه . صحيح هو سلوك مزعج لكن ذو فائدة عظيمة على نفسية الطفل و شخصيته المستقبيلة . و من واجبنا كمربيين التوجيه و التعديل ليس القمع و الرفض . اذ يبقى العناد في نهاية المطاف مزيج من المشاعر و الرغبات و الافكار و الاحاديث يريد طفلنا ايصالها و تبليغها . لكن لا يحسن كيف . وهنا دورنا

عزيزتي الام هل ترضين ان يبقى طفلك تابع لك مدى حياته ؟ الا تريدين ان يكون له قرار و موقف خاص به و شخصية قوية مسؤولة ؟

اذا امامنا خيارين اما ان نعطي للطفل فرصة لاثبات ذاته و يحقق استقلاليته و بالتالي تمر مرحلة العناد بشكل صحيح و نبني اساس قوي للطفل و لشخصيته و اما ان نعاند الطفل و نتحداه و نمنعه . وهنا الطفل سيسلك احد الطريقين الاول سيستسلم و يطيع و تكون بداية لتكوين شخصية ضعيفة و الثاني يستمر بالعناد بلغة التمرد و التحدى و الاذية و التصرفات المزعجة بشكل اكبر الى حد الانتقام .

*من جانب اخر , اعتبر المتخصصين النفسيين ان العناد يعد مؤشرا ايجابيا واضحا للنجاح و التميز في الحياة المستقبلية ووجب التعامل مع هذه المؤشرات بحكمة و حسن التصرف و التعديل و بذلك يكون الطفل قائدا ناجحا و متوازنا في المستقبل .

*من مميزات الطفل العنيد ايضا الثقة بالنفس و الاعتماد على نفسه . و ذلك متجليا في اصراره على فعل ما يريده بنفسه كالاكل و اختيار ملابسه بنفسه و غيرها .

*يتميز الطفل العنيد الواثق بسرعة اندماجه مع من هم اكبر منه سنا و كذلك سرعة تقبله للغرباء و عدم الشعور بالخوف و الرهبة منهم

*الطفل العنيد هو الذي يرفض الاوامر المسلطة عليه, حيث لا يستطيع اي شخص غريب التاثير فيه و السيطرة عليه بل يريد حجة ليقتنع . لذلك فلننظر الى الجانب المشرق في الموضوع.

*وهو ايضا دافع للابتكار و التعلم و التفكير.

*و اخيرا من سمات الطفل العنيد هي تحمل المسؤولية و الاصرار و المثابرة و كذلك الاعتماد على النفس . لكن فلنحسن توجيه و ادارة هذا السلوك بالحكمة و الصبر و الحب .

طرق و حلول تساعد على تقليل من حدة عناد الطفل :

1/ فهم المرحلة اسبابها و نتائجها : من الضروري فهم مقتضيات ظاهرة العناد عند الاطفال بكل تفاصيلها حتى يتسنى لك تقييمها و توجيهها و حتى تتمكن من الصبر عليها و تحسن التصرف مع طفلك في هذا الوقت .

2/ ممنوع النعت بالصفات السلبية (عنيف , عنيد …) حتى لا يتقمص الطفل هذه الصفة

3/ مخاطبة و معاملة خاصة مع الطفل العنيد اياك و التحدي فهو العامل الاول لتدمير علاقتك بطفلك وهو واحد من نتائح ردة الفعل الخاطئة مع الطفل العنيد سنشرحها بالتفصيل لاحقا .

4/ التقليل من الاوامر المسلطة و المباشرة,  اذ يمكنك استعمال اسلوب الاوامر في سورة دعوة بمعنى العمل الجماعي ( مثال:هيا نجمع العابك سويا …) . اضف الى ذلك تجنب الاوامر المركبة التي تكون عبارة على جملة متكونة من خمسة اوامر لن يفهمها الطفل و لن يستوعبها و بالتالي لن ينفذها ( مثال: اجمع العابك ثم  اغسل اسنانك و ارتدي ثياب النوم و تسطح في سريرك …) .

5/ حاول التقليل من كلمة “لا” و استبدلها

6/ افضل اسلوب او حل للتعامل مع الطفل العنيد هو تقديم الخيارات بديل الاوامر المباشرة . معنى ذلك ان حل سلوك الرفض و الاصرار بيدك من طرف الاهل و لا تنتظر من طفلك الحل انت الاوعى و الانضج , افتح معه باب النقاش و الحوار و قدم له الخيارات مثل (تريد ان تنظف اسنانك اولا او ترتدي ملابس النوم ؟ تريد تفاحة ام موزة …) و ان رفض كلا الخيارين لا تياس و استمر في المحاولة و الحوار .

6/ كرر كلمة ” انت قرر , الخيار لك …” حتى يشعر الطفل انك مقدر لاستقلاليته و قراراته.

7/ المدح ثم المدح , شرحنا سابقا ان الطفل العنيد يتمتع بشخصية قوية و استقلالية وهو يعتبر شخص قيادي . لذا فلنمدح و نعزز ذلك و نزيد تلكيزنا على السلوك الايجابي . اكد المختصين في علم النفس ان كلما زاد التركيز على الشئ سلبيا كان ام ايجابيا زاد و كثر و كلما قل التركيز على السلوك نقص و قل  . لذا امدح سلوك ابنك الايجابي ليزيد و تغافل احيانا على بعض الاخطاء و بعض السلوكيات الرافضة و العنيدة لتقل .

8/ من المهم ان تنتبه على كل امر تفرضه على طفلك . و ان اردته ان ينفذ دون عناد و تذمر احرص على اربعة امور مهمة :

  • المرونة و اللين و الهدوء في لهجتك و في طريقة كلامك , لا تتسلط و لا تصرخ
  • اشرح الغرض من الامر : لماذا انت طلبت منه تنفيذ ذلك؟  ما الهدف منه ؟
  • حدد ماهو المطلوب منه بالضبط . مثال : اذهب و ارتدي ملابس نومك الموجودة في غرفتك على السرير
  • بين ما الفائدة التي يمكن ان يحصلها من تنفيذه للامر .مثال : اشرب الحليب لانه غني بالفيتامين د و يقوي عضلاتك و تصبح رجلا كبيرا قويا … و غير ذلك

9/ و الخطوة الاخيرة هي اياك و التنازل عن امر مهم قد قررته . فان كان في تقديرك ان الامر حاسم و ضروري تنفيذه لا تتراجع و لا تتنازل عنه مهما اصر و رفض طفلك . فو سيستخدم كل اسلحته ليدعك تتراجع لكن لا تياس و لا تستسلم كي لا يتعود الطفل على ذلك فيظن ان باسلوبه انه سينتصر دائما . لكن لاباس ان تراجعت و تنازلت في بعض الامور الغير هامة من اجل طفلك .

المخاطر التي من الممكن ان تدمر العلاقة بين الوالدين و الابناء :

سلوك الرفض و العناد المزعج عند الاطفال من اسوا السلوكيات التي ينجر عنها تدمير العلاقة بينهم و بين ابائم بسبب عدم قدرة الوالدين على التوجيه الصحيح و معالجة الامر قبل التفاقم .

لذلك ساقدم لك في نهاية المقال بعض التصرفات المرفوضة التي يمكن ان تدمر علاقتك بابنك بسبب عدم قدرتك على استيعاب حالة طفلك

*الاهانة: معظم الاولياء يلجئون الى الصراخ او الاهانة اللفظية او خاصة الضرب و المعاتبة و التوجيه امام الناس كحل للحد من سلوك الطفل العنيد . و هذا خطا فاذح قد يدمر شخصية الطفل .

*التحدي: وهو من اكبر مدمرات هذه العلاقة السامية . يرى الاب او الام انه من المستحيل ان يترك طفله يفرض رايه فتنشا بذلك رغبة التحدي و الانتصار على ابنه كي ينصاع له و يستجيب لاوامره بالقوة فهو السلطة الاكبر . لما يكون الانتصار هدفك كمربي انت في طريق تدمير علاقتك مع ابنك .

و بذلك نكون قد وصلنا الى نهاية هذا الموضوع المهم و الشيق . نتمنى لكم الاستفادة .

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق