كيف أحفظ طفلي القرآن الكريم بسهولة و حب
بين ابن الجوزي ان القران الكريم أشرف العلوم على الاطلاق و حفظ القران من أعظم الاعمال و اشرفها , فهو كلام الله تعالى وهو خير زاد يقدمه الوالد لولده , و هو سبيل الهداية و الاستقامة . القران هو الوحي الذي أنزل على خير الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيه قواعد و تعاليم الدين الصحيحة فيه القصص الموجهة و الحكم المعبرة , فيه القيم النبيلة و اللغة الفصيحة . قال تعالى في سورة الاسراء الاية 9 : إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9
حديثنا اليوم عن الاطفال و عن كيفية تحفيظهم و تعليمهم أصول و أحكام القران الكريم بطرق سهلة تتناسب مع أعمارهم و بحب و رغبة و امتنان , باعتبارهم جيل المستقبل الذي يطمح كل اب و ام على تنشئته على الصلح و الاخلاق . و عملا بما اوصانا الله تعالى الا وهو مؤانسة كتابه العزيز و الاستمرار في تلاوة آياته و تدبرها فهي القائد و المعين الاكبر على صلاح حال الابناء و عيش حياة كريمة و الفوز برضا الله و دخول الجنة .
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ القرآن، وتعلمه، وعمل به، ألبس والداه يوم القيامة تاجا من نور، ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويكسى والداه حلتين لا تقوم بهما الدنيا! فيقولان: بم كسينا؟! فيقال: بأخذ ولدكما القرآن
لذلك اليوم سنتعرف سويا على بعض فوائد و أفضال تحفيظ القران الكريم للاطفال منذ الصغر , ثم سنطرح بعض الطرق لتعليمهم و تشجيعهم على الحفظ بكل حب و رغبة ثم في النهاية سأقدم لك بعض النصائح العامة خوفا من الفتور و الملل و الهجر .
فوائد و أفضال تحفيظ القرأن الكريم للاطفال منذ الصغر :
ما أجمل ان تبدأ رحلة التعلم و الحفظ منذ الصغر . طاقة الاستعاب و الحفظ و تخزين الكلمات عند الاطفال تكون أقوى و انشط من الكبار في السن . فهم يتمتعون بقدرة كبيرة على التخزين لفترات طويلة . لذلك من المهم ان تبدا مهمة تدريس و تحفيظ الاطفال كل ما يتعلق بالقران الكريم من ترتيل و تعلم أحكام و تدبر و معرفة اسباب التنزيل حسب عمره و قدراته العقلية ,لضمان رسوخ دائم و تطبيق مفيد و أيضا حتى يعتاد و تتحول هذه العبادة الى عادة.
تحفيظ القران الكريم للاطفال شعيرة من شعائر الدين فهو الذي يرسخ الايمان في قلوبهم و يقوي عقيدتهم وهو المنطلق الاساسي لتعلم سائر العلوم . و هنا نتحدث عن التربية الايمانية . روى عثمان بن عفان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” خيركم من تعلم القرآن و علمه”
من فوائد تحفيظ الاطفال القران الكريم :
- تنشيط الذكاء و القدرة على التنظيم . فسبحان ما نرى الحفاظ و الملتزمين بقراءة اورادهم من القران الكريم يوميا لا يشتكون ضغطا او قلقا في تسيير و تدبير الشؤون اليومية من عمل و أعمال منزلية و اطفال و غير ذلك من ضغوطات الحياة . كذلك الطفل سيعتاد على تنظيم اوموره و التوفيق بين الجانبين و سيؤجر ببركة في يومه و هذا فضل عظيم من المولى عزوجل .
- التزام الطفل بالحفظ و تعلم القران الكريم يساعده على ضبط عاداته السيئة كالعناد و العصبية و الانفعال بدون سبب.
- يجعلهم ممن يبلغون أعلى و أسمى المراتب في الدنيا و الاخرة . فأهل القران هم أهل الله و خاصته و لاسيما الاطفال هم أحباب الله .
- يصون الفطرة و يقوي الايمان و يشعر الطفل بالراحة و السعادة من جهة و الشعور بالقرب و الانتماء الى الله تعالى من جهة ثانية . و يالها من حلاوة , حيث ينعكس كل ذلك على سلوكه و أخلاقه .
كيف احفظ طفلي ؟ ماهي السن المناسبة للبدء بالتحفيظ و التعليم ؟ ماهي الطريقة السهلة و الصحيحة ؟ و هل سيمل ذلك بعد فترة ؟ :
كل هذه الاسئلة سنجيب عليها في سطور هذه الفقرة …
بداية عزيزي القارئ فلنتفق على ان تعليم القران الكريم للطفل ليس هو الهدف انما تحبيبه و ترغيبه في التعلم و الحفظ و الفهم و اشتياقه لمجالس القران هو الهدف . ليس المهم أن نحرص و نبالغ في التحفيظ و التدريس حتى نثقل كاهلهم و يتحول الى عبء . اسلوب التعليم و الترغيب هو الاساسي في رحلة تعليم الاطفال اصول القران . لذلك اول خطوة هي الانتباه الى اسلوب المعاملة و الى الخطة المرسومة ان كانت تفتقر الى اللين و اليسر و الحب فعدلها .
ثانيا , من اهم الامور التي أود اخبارك بها هو ان العلماء اختلفوا في تحديد السن المناسبة للبدء بتحفيظ الطفل القران الكريم فمنهم من رجح سن السابعة جيث يبدأ الطفل بالتمييز و الفهم , و منهم من ترك امر تحديد موعد البدء للوالدين اللذان يمكنهما معرفة مدى استعداد و جاهزية طفلهم و نضجه و تقدمة في الفهم و التمييز .
و انا شخصيا اقترح البدء من سن الثلاث سنوات , نعم لكي يبدء بالتعود . و ذلك من خلال الاستماع اليك او تلقنه بعض الايات او الكلمات او تكرر و تحفظ امامه … وهذا ما يسهل الانطلاق في رحلة التعلم الصارمة و الجدية حيث يكون الطفل قد تعود على مثل هذه الاجواء منذ صغره.
و عن معاوية رضي الله عنه قال: (ليكن أول ما تبدأ به من تأديب أبنائك تأديب نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينيك، فالحسن عندهم ما استحسنت، والقبيح عندهم ما استقبحت)
ماهي الطرق السهلة و الصحيحة المعتمدة لتدريس و تحفيظ الاطفال :
* اطفال الثلاث او اربع سنوات يتم تحفيظهم عن طريقة التكرار و التلقين. لذلك لابد ان يتم التلقين بالطريقة الصحيحة من أحكام و قواعد مضبوطة قبل ان يبدأ الحفظ .
* المقاطع الصوتية لكبار القراء تلعب دورا كبيرا في الحفظ و رسخ الكلمات لذلك احرص على تشغيلها في البيت دائما حتى تتعود مسامعه و تتخزن في ذاكرته مما يسهل عليه الحفظ فيما بعد .
*من المستحسن البدء بقصار السور لانها سهلة الحفظ و تفسيرها في المتناول .
* اذا كنت مجيدا للاحكام فلابأس بتعليمه بمفردك في البيت . لكن الطريقة الصحيحة و الاكثر نجاعة هو أخذه الى مشايخ مجازين او جمعيات قرآنية حيث سيتعلم القواعد و الاسس الصحيحة منذ البداية .
*تابع معه يوميا , راجع معه محفوظه و دعه يسمع لك سيشعر بالسعادة و الثقة خاصة و ان سجعلت صوته .
*ضع خطة و برنامج يومي لمراجعة القديم و حفظ الجديد . لكن انتبه لا تكلفه ما لا طاقة له فلابأس ان حفظ حتى لو آية واحدة فقط . فكما يقال :”قليل دائم خير من كثير زائل ” . لا تنسى هدفنا هو التحبيب و الترغيب .
*شجعه بالهدايا و المكافآت عند كل ختم لسورة مثلا مهما كانت سهلة او قصيرة . و أيضا خلق رائع عندما تشكر معلميه و تكرمهم على مجهوداتهم , فهذه هي أخلاق الطالب المؤمن , بذلك سيتعلم طفلك الاحترام و تقدير معلمي و مشايخ القران الكريم .
*استغل حب التملك عند الاطفال و اشتري له مصحف خاص به كهدية او سجادة , حتى يزداد لديه حب الاطلاع و الاكتشاف و يرغب بمعرفة محتوى الكتاب. بالاضافة أنه سيعتاد على الايات و الكلمات و طريقة الكتابة .
*ايقظ في نفسه روح المنافسة , قال تعالى “وفي ذلك فليتنافس المتنافسون” , لذلك الانخراط في المراكز و الجمعيات القرانية مهما. حتى يتشجع و ينافس اصدقائه . و يقال ايضا “الصاحب ساحب”. و من هنا تتكون علاقاته و تكون له صحبة صالحة .
*مجالسة الاطفال الحفاظ هو دافع للطفل في ان يصبح مثلهم
* من الطرق الناجعة في تحفيظ القران للاطفال هي الاهتمام بالتفسير و أيضا سرد القصص القرانية من قصص الحيوان و قصص الانبياء و غيرها و ربطها بالواقع . فعندما تتبسط المعلومة يسهل حفظها .
ماذا افعل لو شعر طفلي بالملل و لم يعد يرغب بالحفظ او هجر القرآن لفترة طويلة :
اولا لا تقلق من شعور طفلك بالملل خاصة في بداية الامر فهو لم يعتاد على ذلك , اصبر و لا تجبره بل حاول تحفيزه و تشجيعه عن طريق :
- ترك له مساحة للعب و الترفيه
- القراءة الجماعية
- تشجيعه على المشاركة في المسابقات الكبرى او في الاحتفلات او في الاذاعة المدرسية سيشعر بالفخر و الثقة
- اهتمامك انت و زوجتك بالقران يجب ان يكون عظيما و صادقا , اجتهدا في بعث روح القران في كل ارجاء البيت فهذا هو خير معين و محفز للطفل على الحفظ و ذلك ما يسمى التربية بالقدوة .، فقد جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (إنَّ الذي ليس في جوفِه شيءٌ من القرآنِ كالبيتِ الْخَرِبِ)
- الطفل الذي ينشأ في بيت والديه يحافظون على وردهم القراني اليومي سيكون سريع الحفظ و لن يصعب عليه الحفظ لانه نشأ في تربة خصبة . والداه هما محفزاه الحقيقيان .
- اذا بالغ طفلك بالرفض , فمن المستحسن ان تغيري طريقتك و انصحك ان تحفظي معة , ابدئي بثلاث ايات فقط حتى لا تصعب عليه و يزداد نفورا و قسمي الوقت 30 دقيقة مثلا , 25 دقيقة للحفظ و التلقين و التكرار و 5 دقائق للمراجعة الفورية
- لا تهملي صحبته او شجعيه على صحبة بديلة ان كانت صحبته السابقة غير صالحة
- افهمي اسلوب طفلك . اي الطرق يحبذ هل هو التحفيظ بالصوت ام بالصور او غير ذلك …
- سرد القصص من اهم المحفزات لتسهيل حفظ كتاب الله العزيز , فالقصص و النماذج القرآنية و سيرة النبي و سير الصحابة … و غيرها , كل ذلك قادر على جذب الاطفال لما فيها من تشويق و دقة في السرد و التعبير و الاخلاقيات الفاضلة التي تعزز الفطرة السليمة خاصة عند الاطفال .
- لا تنسي الدعاء له , فانت أم و دعائك مستجاب باذن الله .
قراءة القران الكريم هي السبب الاول للسعادة و الراحة و الطمأنية في الدنيا . و كلام الله هو الشفيع يوم القيامة وهو المؤنس الوحيد في ظلمة القبر .
اثبتت الدراسات الحديثة ان الاطفال الذين يستمعون للقران بشكل متكرر وهم في بطون امهاتهم يكونون اسرع في الحفظ و الاستيعاب و الاستقطاب من غيرهم اضافة الى الطباع الهادئة و ما الى ذلك . فمسؤولية تحفيظ و تدريس الاطفال من اشرف الوظائف علينا الاهتمام بها و الحرص عليها . رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (يُقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرأ وارتَقِ ورتِّل كما كنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها)
اللهم اجعلنا و ذرياتنا من حملة كتاب الله . يا رب اجعلنا من اهلك و خاصتك .