العناية بالطفل

كيف انظم وقتي مع وجود طفلي الصغير؟

تطمح كل أم الى تحقيق التوازن بين مسؤولياتها المتعددة , من أعمال منزلية و الاعتناء بالزوج وبالخصوص مستلزمات الأطفال حسب أعمارهم و متطلباتهم المختلفة و بين احتياجاتها الخاصة و أهدافها و حاجاتها النفسية  . حيث أن الأمر يزداد صعوبة ان كانت ملزمة بالعمل خارج البيت .

لكن الله عزوجل منح المرأة قدرة و استطاعة و قوة خاصة تمكنها من القيام بجميع أعمالها على حد السواء . وهذه ميزة خص  الله بها النساء دون الرجال . فالحمد لله على ما أعطى . اذا أبشرك عزيزتي , بأنك فعلا امرأة خارقة و قادرة على فعل كل ما تريدينه.

لهذا السبب عزيزتي سأقدم لك اليوم مجموعة من الخطوات العملية المهمة تجعل منك امرأة متوازنة و منظمة . ستتمكنين من القيام بجميع مسؤولياتك مع وجود طفلك الصغير ,فقط تقيدي و انتبهي الى هذه الخطوات المهمة و التزمي بها .

تسع خطوات لتنظيم الوقت :

1/ اصطياد أوقات الفراغ :

مع تنوع ملهيات العصر من شتى أنواع منصات التواصل الاجتماعي و غيرها ,أو زيارات او محادثات هاتفية طويلة , أصبحنا نضيع جل نهارنا و يمر بنا الوقت دون أن نشعر به . كل منا لديه وقت فراغ لكن لا نحسن استغلاله .

في الواقع , الكثيرات منا تمضي ساعات في التفكير في أمور لا تحتاج كل تلك المدة اما في وجبة العشاء او في اختيار لبسها … و ما الى ذلك من أمور يومية بديهية .

فمن المهم البحث عن أوقات الفراغ و طرح هذا السؤال على نفسك ( أين يضيع وقتي؟) , اطرحي على نفسك هذا السؤال دائما و حاولي استغلال و تعديل هذا الوقت الضائع . لا تطيلي التفكير و لا تطيلي البحث و لا تبقي جالسة لساعات على هاتفك او حاسوبك ما لم يكن ذاك وقت راحتك.

تغيير بعض العادات و السلوكيات اليومية من أهم عوامل حسن تنظيم و استغلال الوقت . بعض الأمور حقا لا ننتبه لها و لم يخطر ببالنا يوما مراجعة أنفسنا و تقييم هذه الأمور , لكن من اليوم سنعمل على التغيير و على تحسين عاداتنا و سلوكياتنا كي ننعم بحياة أكثر تنظيما و راحة .

2/ لا تبحثي عن المثالية :

المثالية و الكمال لله وحده . ومهما كان للانسان ميزات و قدرات فلن يستطيع تحقيق المثالية في أي عمل. لذلك لا تشغلي نفسك بأن تكوني أما مثالية أو زوجة مثالية . تقبلي بعض النقائص مهما كانت كبيرة , لا تعلقي سعادتك أو راحتك بتمامك لكل الأعمال . انجزي و اعملي قدر استطاعتك , لا تحملي نفسك فوق طاقتها . فلا بأس ان اخترت الجلوس و الاستمتاع مع طفلك و البيت في حالة فوضى .

لن تخسري شئ, العلاقات و الترابط الأسري أهم بكثير من الأعمال و الأشغال اليومية التي لا تنتهي. فأطفالك هم انجازك و حفاظك على سعادتك و توازنك و صحتك هو أكبر أهدافك.

المثالية ليست في التنظيف و الترتيب و القيام بكل الأعمال المطلوبة , المثالية في انشائك لأسرة و بيت متماسك, سعيد و يستطيع التأقلم مع كل الظروف.

3/ قائمة المهام و تحديد الأولويات :

سبق و ان قلت أنه من الضروري تغيير بعض العادات و خلق عادات و سلوكيات جديدة لتحسين مستوى العيش . و أساس تنظيم الوقت هو رؤية واضحة أو تصور لمجريات النهار من أولويات , أمور مستعجلة , أعمال ثانوية , مهام ضرورية , أمور محبذة خاصة … و ما الى ذلك

لهذا السبب ينصح الناجحين و القياديين بوضع قائمة للمهام التي يجب انجازها خلال اليوم . تتصدر هذه القائمة “الأولويات” وهي الأعمال التي لا تحتمل التأجيل و هي أيضا العمل الذي يجعلك سعيدة و مرتاحة ان قمت به أولا .

هذه من أكثر العادات الفعالة المجربة . التي تتيح لك الفرصة للتنظيم و الانجاز و قدرة على ادارة أحداثك اليومية و يكون لديك تصور واضح لمجريات اليوم .

4/ كوني جاهزة :

اجتهدي , فان أصبتي فلك أجران و ان لم تصيبي فلك أجر واحد. استعدي دائما لاي ظرف طارئ . فمثلا : جهزي حقيبة للخروج الاضطراري ملابس لك و لطفلك , يمكنك أيضا أن تضعي ملابس و حفاضات في السيارة ان كان طفلك لا يزال صغير ,ستوفر عليك الكثير من الوقت ان طرأ ظرف مفاجئ استوجب خروجك من المنزل.

مثال آخر : جهزي قائمة لأكلات الأسبوع و اشتري كل المستلزمات بعد اعداد القائمة . ستوفر عليك عناء التفكير في الوجبات اليومية و ستجدين كل شئ جاهز للطبخ السريع.

ايضا: ليس هناك داع للطبخ كل يوم (غيري بعض العادات و العقليات) اعدي أكلات ليومين مثلا , أو جهزي أكلات سريعة و ضعيها في ثلاجة في أكياس صحية حافظة أو ما شابه , هناك العديد من الخيارات الصحية السريعة .ستتمكنين بذلك من توفير وقت طويل و القيام بأعمال و أنشطة مختلفة عن العادة .

من الجيد أن تكون حياتك مختلفة و متنوعة يطغى عليها التنظيم و الانجاز , تلك هي الدفعة الايجابية المطلوبة.

5/ الأغراض في مكانها :

صحيح أن التنظيم و الترتيب يحتاج وقتا و جهدا كبيرا . لكن ما ان صار كل غرض في مكانه سيوفر عليك جهد و وقت طويل . سياسة المنظمات(صناديق ,سلات …) مهمة و مفيدة جدا , في السوق عدة خيارات بأشكال و ألوان و أحجام و أسعار مختلفة . و لا يخلو أي بيت منظم من منظمات لجمع الأغراض ووضعها في أمكنتها . حقا هي من أسرار التنظيم .

عودي نفسك و زوجك و حتى أطفالك على وضع كل غرض في مكانه اما في الخزانة أو في الصناديق أو في الأدراج أو غير ذلك …

احرصي على تعويد أطفالك على وضع ألعابهم و ملابسهم و كل أغراضهم في أمكنتهم . سترين نتيجة ذلك .الأطفال هم محور البيت دعيهم يشعرون بأهمية النظام و المشاركة و المسؤولية . وهذه هي النقطة الأساسية الموالية في تنظيم الوقت.

6/ المشاركة , الاستفادة و الانجاز في وقت واحد :

الأم الناجحة القائدة تحسن استغلال الميزة التي ميزها الله بها و تستطيع القيام بأعمال متعددة في وقت واحد.

جاء وقت العمل , لا تدعي أي شئ يلهيك قومي بأعمالك بسرعة . فان كان لديك طفل واحد صغير تشاركي معه, دعيه يجلس الى جانبك في المطبخ مثلا و تحدثي معه ,علميه في الأثناء الألوان و مسميات الخضر التي تطبخينها , تنقلي به  في أرجاء البيت و ابدئي بتلقينه مسميات الغرف (هذا الحمام , هذه غرفة الجلوس , هذه الحديقة …) و أيضا هي فرصة لتعلم الممتلكات ( هذا فستان ماما , هذا قميص بابا …)

و ان كانوا أطفال أكبر سنا , وزعي المهام عليهم و اخلقي جو التنافس و اخترعي طرق ابداعية لتحفيزهم للقيام بالأعمال الموكلة اليهم مع المكافئات و التشجيعات .

وهي من أهم المهارات التي عليك اكتسابها لادارة بيتك و تنظيم وقتك . أضف الى ذلك ستتمكنين من تعليم أطفالك المشاركة و الابداع و تعويدهم على الالتزام و المسؤولية .

7/ البرنامج :

من الأمور المهمة أيضا في حسن استغلال و تنظيم الوقت هو وضع برنامج أو روتين لك و لطفلك . حددي الأيام, خطة أسبوعية أو شهرية . مثلا يوم للزيارات , يوم للتنظيف العميق , يوم للطبخ , يوم للتفسح …

حتى ان روتين الطفل الخاص مهم جدا لنفسيته و صحته . فيكون له وقت خاص للنوم و اللعب و النشاطات و ما الى ذلك . سيساعدك على ضبط برنامجك و أعمالك اليومية .

8/وقت لنفسك :

اختصري على نفسك , لا تجهدي نفسك و لا تكابري, ان كانت هناك أعمال لا تستحق الكثير من الوقت و العناء اختصريها . مثلا ليس من الضروري تعزيل البيت يوميا , ليس من الضروري تنظيف الحديقة او الكنس خارجا او الغسيل يوميا … حتى و ان كان الأمر يستوجب ذلك لا بأس قومي به على النحو السريع كي لا تتراكم الأوساخ و أجلي القيام به لوقت آخر.

مهما كانت وظيفة أو مكانة الانسان فهو من الطبيعي أن يحتاج الى وقت خاص لنفسه يمارس فيه شتى أنواع الهوايات أو وقت راحة و ما الى ذلك . و خصوصا أنت أيتها الأنثى , فأنت قبل ان تكوني زوجة و أما فأنت أنثى تحتاجين الى رعاية و عناية خاصة بمظهرك, بعلقك, بذاتك . لذلك لا تبخلي على نفسك ببضع الدقائق تستعيدين فيها طاقتك و نشاطك . قومي بأي هواية تحبينها او اكتفي بالاستلقاء و مراجعة نفسك أو خططي لمستقبلك و أهدافك و طموحاتك. فهذا أبسط ما تستحقينه

نفسك أولى من لها حق عليك, كلما أحسنت اليها سيعرف الجميع قيمتها و أهميتها , و كلما اعتنيت بها و سقيتها سيرى من حولك نموها و جمالها و هي تتفتح و تزهر كالوردة الجميلة.

افتحي صفحة جديدة مع ذاتك و تصالحي معها و اسعديها و بذلك ستتمكنين حتما من اسعاد من حولك بكل صدق و حب و اخلاص.

9/ السر الاخير :لا تغفلي على وظيفتك الأسمى :

قبل ان تكون انثى او زوجة او ام او ابنة فانت عبد الله . لا تنسي هذا ابدا و لا تغفلي عن وظيفتك الاولى , مهما كثرت مشاغلك و مسؤولياتك فلا تتركي صلواتك و ليكن لك ورد من القرآن الكريم و من الأذكار اليومية التي ستحصنكي و تحميكي من كل مكروه و من ذكر الله في كل وقت و حين كي تسعدي و يطمئن قلبك : “ألا بذكر الله تطمئن القلوب” . فاذا أنعم الله عليك بالبركة و الستر و التوفيق فستتمكنين من انجاز كل مهامك بسرعة و راحة و طمئنينة . واجبك مع الله أولى و أهم من أي واجب . اذا كان الله معك فلن يقف أي عائق امامك . و لن تشعري لا بضيق و لا باكتئاب و ستتقبلين مسؤولياتك في هذه الحياة بصدر رحب .

استعيني بالله و توكلي عليه و اذكريه و انت تطبخين و انت تكنسين و سترين بركته و توفيقه يتجلى في حياتك . لا فلاح و لا نجاح الا مع الله هو مطهر القلوب وهو الولي و هو الرزاق .لا ترهق ذهنك بالتفكير و التدبير , ووكل امرك و استعن باللطيف الخبير.

في الختام , نتمنى أن تكون الخطوات واضحة و مفيدة و نتمنى أن تساعدكم في تنظيم و استغلال و ادارة وقتكم على الوجه الصحيح . فالانسان يعيش ليحسن و يغير من حياته و من عاداته و سلوكياته ان كانت لا تضفي به الى النتيجة التي يطمح اليها . أنصحك عزيزتي , كوني مطلعة تثقفي اقرئي ابحثي غيري حسني و لا تجعلي حياتك جامدة لا روح فيها يطغى عليه الحزن و الاكتئاب و الروتين القاتل .  فلن نعيش سواء حياة واحدة فلنعشها كما ينبغي .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق