كيف أشجع و أحبب طفلي في الدراسة (قبل دخوله و اثنائها) ؟
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
التعليم بصفة عامة غريزة فطرية خلقت مع الطفل الصغير حيث انها مطلب اساسي كالاكل و النوم و غيرها . لكن للاسف اصبح العجز و الانزعاج و الضغط مخيم على كل الفئات من المعلمين الى الوالدين وصولا الى الاطفال . اللذين هم ضحايا ما يحدث . لذلك لا نستغرب وجود الكم الهائل من التسائلات حول كيفية تشجيع اطفالنا على ضرورة الذهاب الى المدرسة و كيف نحببهم في التعليم الذي هو ضمان لمستقبلهم و لسلامتهم النفسية ايضا .
بعض اسباب نفور الاطفال من الدراسة :
بداية سنبدا سويا رويدا رويدا في التغول في اصل و جذور المشكلة . لن انقل اليكم الاحداث و المشاعر السلبية التي تدور في الوسط العائلي و المدرسي .
لكن فلنعلم جيدا ان طفل يتعرض لضعط مريع عن طريق ملاحقته بالواجبات المدرسية اليومية و العلامات التي يحصل عليها في كل مادة , و لها ذاك التأثير المزدوج اضف الى ذلك الاسلوب المعتمد الشائع من مقارنات بين اقرانه و المعاملات العنيفة و السلبية سواء من قبل معلميه او والديه . اضف الى ذلك اثقال كاهله بعبء الاغراض(الادوات) المدرسية ماديا و بدنيا.
هذه بعض الاسباب التي جعلت الطفل يرى المدرسة و كأنها وحش التعب و الضغط و الالم و المشاعر السلبية . حتى انه اصبح للقائمين و المعلمين اسلوب مستفز في الشتم و احباط المعنويات و تحطيم القدرات (الا من رحم ربي) تنتهي الحلقة بالاسرة التي تشعر بالقهر و تنعت اطفالها بالفشل و الكسل . و هنا يبدا الظلام باقتحام مخيلة الطفل ظنا منه انه لا فائدة منه و انه خيب امل اهله و معلميه . فيصبح التعليم بالنسبة اليه مصدر فشل و ضغط و تعقيد .
نعم هذه المسالة في غاية الخطورة و لها ابعاد لم نكن على دراية بها قبل . لهذا السبب واصلوا التحليل و التأمل معي كي نجد حل جذري و عملي لهذه المشكلة مع اطفالنا الصغار
كيف أهيئ طفلي للدراسة قبل حلول موعد دخوله للمدرسة ؟
ستة خطوات لتهيئة و تشجيع الطفل على الدراسة منذ صغره او ما يسمى بالتعليم المبكر اي قبل سن الدخول الى المدرسة :
الخطوة الاولى , ابدئي بتجهيز الارضية من قبل حلول سن الدخول الى المدرسة . فمثلا القراءة اختاري كتبا تتحدث عن اهمية و جمال المدرسة , خصصي له مكتبا صغيرا ملونا و كرسيا … و ما الى ذلك من الاجواء المحفزة و المشجعة للبدء بالتعلم .
الخطوة الثانية , خصصي وقتا و تحدثي مع طفلك عن الاجواء المبهجة في المدرسة و عن التجهيزات و الادوات الجميلة و التحديات التي سيقوم بها و المكافئات و الجوائز التي سيحصل عليها و الاصدقاء الجدد الذي سيتعرف عليهم و النوادي و النشاطات المدرسية …
الخطوة الثالثة , حدثيه عن اهمية العلم و الدراسة و النجاح الذي سيحققه في المستقبل . حدثيه عن فرحتك و شعورك بالفخر و السعادة عند نجاحه و تفوقه و انك ستحبينه مهما كانت نتائجه المهم ان يبذل جهده , و اخبريه ان والده سيكون سندا له و سيشتري له كل ما يحتاجه .. و غيرها من الامور الجميلة التي تشعر الطفل بالحماس و التشويق و الفرح .
الخطوة الرابعة , الحضانة تساعد جدا الطفل للاستعداد للمدرسة فيما يخص الانضباط و الالتزام بالمواعيد من جهة و التعلم و القراءة و النشاطات من جهة ثانية . الا انه ان لم تسمح الظروف بذلك فلا باس ان تجتهدي في توفير الفرصة لطفلك لبدء التعلم و القراءة عبر انشطة و الآيات محفزة اصنعيها له بنفسك في البيت, هناك العديد و العديدي من الانشطة اليدوية البسيطة لتعليم الاطفال الالوان و الاحرف و الاشكال و غيرها …
الخطوة الخامسة , من فترة الى اخرى خصصي يوم و استدعي اصدقاء طفلك من الحضانة او اطفال الجيران و اخلقي جو من اللعب الجماعي و التحديات و المشاركة . فالعمل الجماعي الذي يبدأ من البيت ثم في المدرسة عامل مهم لتحفيز و تكيف الطفل مع الاجواء الجماعية التي تخلق السعادة و الالفة و التفاهم و القبول في نفسية الطفل تجاه المدرسة باجوائها المكتظة ( الانشطة و المشاريع و الالعاب الجماعية التنافسية و التحديات المشوقة …)
الخطوة السادسة , علمي طفلك كبف يثق بنفسه و كيف يتحمل المسؤولية . علميه ان الشجاعة و الثقة و الاجتهاد هم ركائز النجاح و التفوق . علميه ان يتحمل بعض الصعوبات و لا يدعها تؤثر فيه و انها مجرد مواقف و ستمر . علميه ان يحترم معلميه و زملائه و ان يتقبل الاختلاف . ستكبر و تعظم هذه القيم معه شيئا فشيئا مع تقدمه في السن و في مراحل حياته الدراسية . حتى و ان لم يفهم هذه العبرات في البداية سيتعلمها و سيدركها مع مرور الوقت و لا تيأسي من التكرار و التعليم و التوجيه و المراقبة . هكذا يستعد الطفل نفسيا للمدرسة.
كيف اجعل طفلي يحب و يتشجع للذهاب الى المدرسة ؟
اولا عليك ان تكوني واعية بأهمية تنظيم الوقت منذ اول يوم لطفلك في المدرسة . الامر يبدو صعبا خاصة مع تعدد الاطفال لكن الصبر و الاجتهاد و المحاولة هي اولى خطوات التغيير و الانضباط .
فالدراسة و قدرته على التأقلم و التكيف, امران مهمان جدا في حياته لا يمكن التساهل او التهاون فيه . اجتهدي و ضعي روتين خاص لطفلك , مثلا وقت خاص لحل الواجبات المدرسية ووقت للاكل و وقت للعب بانشطة مجتلفة و مدة كافية للراحة و الاسترخاء و لا تنسي مساعدته و احاطته اثناء تقدمه في المستويات خاصة في الامور المستجدة .
الغاية من ذلك هو ادراكه ان جوانب حياته مكتملة و منظمة و غير محروم من حقوقه سيعجبه ذلك .
اختاري دائما الزمان و المكان المناسب لكل شئ و لن يشعر ابدا الضغط او الملل باذن الله .
من اهم العوامل التي تجعل الطفل متاقلما و مرتاحا في المدرسة هو تقبلك انت لاخطائه . فمهما اخطأ او فشل فلا تشعريه انه فاشل و لا ان املك قد خاب فيه و ان مستقبله قد ضاع و و ترمينه بالعبارات السلبية و تنفرينه . ستتسببين بشكل مباشر و كبير في هز ثقة طفلك بنفسه و في كرهه للمدرسة التي سببت فجوة بينك و بينه . لا بل تقبلي ضعف نتائجه او رسوبه و حاولي الاصلاح و التدارك و اهتمي بتعليمه خطوة بخطوة , حفزيه , اشكريه …
راقبي اسلوبك اثناء تدريسه و حاولي قدر الامكان تمالك نفسك و اعصابك . ادمجي بعض اللحضات الترفيهية اثناء فترة التدريس و اخلقي جوا من التسلية و التحدي و التنافس خاصة ان كانت دراسة جماعية بين اطفالك .
اسلوب التشجيع و الترغيب و المكافاة من اهم الاساليب التي تشجع الاطفال و تزرع في نفوسهم بذرة أمل جديدة في النجاخ و تخلق الحماس . لكن الصرامة و الحزم في الامور الجدية ضرورية لتحقيق التوازن و لضمان عودة النشاط و التركيز مجددا . التوافق بين الاسلوبين ضروري في تحبيب الطفل في وقت الدراسة .
استعيني بالله في كل خطوة تخطينها مع طفلك في اتجاه العلم و المعرفة . ابداي في الوقت المناسب بترسيخ معالم الدين الاسلامي و الشريعة الاسلامية في طفلك حسب عمره . تعلمه و حفظه للقران منذ الصغر مهم جدا في فهمه لاهمية العلم و تقديسه . حيث ستكبر المفاهيم لديه و تزيد قيمتها و فاعليتها مع تقدمه في السن ايضا . فمادمت تسيرين في منهج تربوي اسلامي سيوفقك الله في مسيرتك مع طفلك و سيدرك هو بطبعه ان العلم مطلب شرعي اساسي في تكوين شخصيته . و سيتوكل على الله و يجتهد لانه تعلم ذلك منذ نعومة اظفاره .
تقاسمي مع زوجك مسؤولية تدريس اطفالكم و اتفقا على منهج موحد . سيشعرون حتما بالاهتمام و الرعاية من قبل والديهم من جهة و سيقل الضغط و كثرة المسؤوليات الموكلة اليك . و بذلك ستتشاركان في تحمل المسؤولية سويا .
قدري مجهوداته و قومي بتعليق انجازاته و شهاداته في غرفته من باب الفخر و التشجيع و اسألي عن اخباره و اهم احداث يومه . احظري اجتماعات الاولياء في المدرسة مهمة جدا هذة النقطة حيث سيشعر ابنك انه اهم شئ بالنسبة لك و ستشاركينه اهم لحظات حياته .
لا تسمحي لاحد بيتعدي على حقوق و حرمة صغيرك و كوني سندا له و درعا حاميا له مهما كانت الظروف , دافعي عنه و لا تدعي احد يفقده ثقته و حبه لنفسه او يدمر رغبته في الدراسة و التعلم . و واجهي اخطائه بهدوء ووعي .
عزيزتي الام عزيزي الاب .. مسألة نجاح طفليكما او فشله متعلقة بكما بشكل مباشر و كبير . انتما من تصنعان جيلا ناجحا مجتهدا مسؤولا واثقا بنفسه .
هذه بعض الخطوات المعتمدة كي تجعل طفلك سعيدا و مستعدا للمدرسة قبلها و اثنائها . تعرفي جيدا على شخصية طفلك و اعملي على تعزيز نقاط قوته و قدراته . و اضيفي على هذة الخطوات اسلوبك الخاص الذي يتماشى مع شخصية ابنك . و كوني اما صبورة حليمة واعية . و باذن الله سترين ثمرة صبرك و جهدك في طفلك الناجح المسؤول .
اسال الله ان يوفق ابنائنا و يرزقنا الصبر و الوعي لنتمكن من انشاء جيل واع صالح كما يحبه و يرضى .