مدى تأثير الخلافات الزوجية على صحة الاطفال و 10 نصائح للتخفيف من حدتها و خطورتها و اعادة الصفو العائلي
ضغوطات الحياة , المسؤوليات المتراكمة , المهام و الواجبات الامتناهية , المشاكل الاقتصادية و المادية وساوس الشيطان , الظنون و الشكوك… و غيرها , كلها اسباب تسبب المشاكل و المشاحنات الزوجية . علما و ان الخلافات جزء لا يتجزء من اي عائلة فهذه مقتضيات الحياة بحكم اختلاف الطبائع البشرية و المصالح و نقص الانسان . الا ان النسبة , المدة و التاثير و الوعي يختلف من اسرة الى اخرى .. حسب طبيعة الزوجين و الظروف الحالية التي يعيشانها .
اذا دعونا نسر خطوة خطوة لنكتشف بعض الاسرار و بعض الخفايا لموضوع الخلافات الزوجية خاصة مع وجود الاطفال و نتعرف سويا على بعض الحلول و النصائح التحفيزية -نوعا ما – لتجنب حدوث التفكك الاسري . التصادم الزوجي او الجدال الحاد بين الزوجين المفتقر للحكمة و الحوار السليم يعتبر اكبر كارثة اجتماعية , نفسية و صحية على الاسرة بشكل عام و على الاطفال بشكل خاص .
الى اي مدى تؤثر الخلافات و المشاكل الزوجية على الاطفال في جميع الجوانب الحياتية:
1/افتقار الشعور بالامن الاسري العاطفي :
لطالما يرى الطفل الامن و الامان و الدفء في منزله الى جانب اقرب الناس اليه فهي بيئته و محطته الاولى التي داخلها سيكبر و يتعلم و يكتشف العالم من حوله. لكنه يتفاجئ بالشحنات السلبية و المشادات اللفظية او الجسدية بين والديه فتنكسر تلك الصورة المثالية فورا في مخيلته . مما يؤدي الى عدم رغبته بالعودة الى البيت او الرغبة في مغادرة المنزل نهائيا . تلك هي المشاعر المخيفة التي تعتري الطفل في اي مرحلة في حياته خاصة في سن المراهقة .. صحيح اننا لا ندرك ذلك الان بسبب سن اطفالنا الصغير لكن فعلا الطفل يفهم و يدرك كل الامور و ان لم يرد الفعل الان ستبدا المخالفات بالظهور لاحقا.
2/تدهور العلاقة بين الوالدين و الابناء :
مهما كانت الخلافات حادة او حتى بسيطة فانها تخلق القلق و التوتر في نفوس الوالدين خاصة و ان ارادا كتمان الامر عن اطفالهم . سيظهر قلقهما فورا على ملامحهما . فالطفل يفهم من النظرة الاولى و طريقة الكلام و نبرة الصوت . ذلك سيخلق فجوة كبيرة بين الوالدين و الاطفال . فلن تتمكنا من اللعب و الضحك و المزاح معه بسبب حالتكما النفسية المتعكرة . اضف الى ذلك ضغيرك يرى فيك قدوته و انت باي صورة تتمثل لطفلك في هذه الحالة ؟ صورة الرجل المزاجي المتوتر الغاضب … الى غير ذلك . اهكذا تكون القدوة . لن يتمكن طفلك بعد الان من الافصاح عن مشاعره لك بسبب حالتك العصبية .
3/الاضرار بصحتهم الجسدية و النفسية :
طبيعي جدا ان الطفل لن يتمكن من الاكل او الاستماع بوجبته في ظل الشجار المشتد بين والديه او في بعض الحالات تكون النتيجة عكسية مما يسبب الافراط في الاكل .وهذا هو التاثير الغير مباشر على صحة الاطفال بسبب المشاكل الزوجية . اما عن الحالة النفسية فهي لا تقل خطورة عن سابقتها . فقد اشارت الدراسات الى ان الاطفال على اختلاف اعمارهم فهم يتاثرون بالسلب على الصعيد الخارجي فمثلا سنجد ان هؤلاء يكونون اكثر عنفا و عدائية من غيرهم – سنفصلها في النقطة القادمة – . اما على الصعيد الداخلي النفسي فقد يكونون اقل تقديرا و ثقة بانفسهم و اكثر عرضة للاكتئاب و القلق . و في اقسى و اقصى الحالات قد تسيطر عليهم المشاعر الانتحارية . نعم الامر بهذه الخطورة
4/الوقوع في مشكلات في علاقتهم بالاخرين :
مع تعرض الاطفال الى الخلافات الزوجية المتكررة ستخلق اما طفلا عصبيا عدائيا يمارس العنف على الاخرين بسبب ما يراه من والديه و اما طفلا متقوقعا منعزلا يميل الى الوحدة و الصمت و كتمان مشاعره . و هما اسوا الشخصيات التي تفرزها سوء التربية . و بذلك لن يتمكن الطفل من الانخراط في المجتمع و التواصل مع الاخرين .
5/انخفاض او تدهور المستوى الدراسي :
لا شك ان المشكلات الزوجية الحادة تفقد الاطفال خاصة التركيز و الراحة و تصيبهم بالتوتر و التشتت نتيجة التفكير في المشاكل الموجودة في المنزل . ذلك يؤثر على الوظائف الادراكية لدى الطفل و قدرته على حل المشاكل . اضافة الى تراجع نتائجه شيئا فشيئا بسبب اهمال والديه حتى اننا نرى الشوارع لا تخلو من الاطفال الصغار الذين غادروا مدارسهم بسبب ما يعانوه من مشاحنات و شجارات و توترات يومية في بيوتهم . فلنسعف الامر قبل فوات الاوان.
بعض النصائح لتفادي المشكلات الزوجية و الحرص على الصفو العائلي :
لذلك عزيزي القارئ ان كنت زوجا او زوجة و ان كان لديكما اطفال ام لا ساقدم لكما بعض النصائح لعلها تكون مجدية لانقاذ الوضع بينكما و اعادة الصفو العائلي :
1/ فلتدركي عزيزتي ان ما يحدث بينك و بين زوجك امر طبيعي و عادي يحدث في كل البيوت لكن الحكمة و الرصانة تحدث الفرق . نفسي عن غضبك لكن بطريقة حضارية وواعية غادري المنزل ان تيسر لك الامر و لا تشعري اطفالك بما يحدث و اخبري زوجك انك ستعودين بعد تفريغك تلك الطاقة السلبية التي تعتريكي في هذه اللحظات . يمكنك المكوث على شاطئ البحر او مكان مريح و هادئ . فلطبيعة طاقة هائلة يمكنك استقطابها
2/ فليسعى كل منكما الى تحقيق التفاهم و الانسجام واتفقا على التضحية و التنازل من اجل استمرار علاقتكما و تأكدا من مشاعر كليكما تجاه بعضكما منذ البداية قبل اتخاذ قرار الانجاب .
3/ حتى و ان كنت المظلومة التمسي العذر لزوجك و تفهمي عصبيته و قدري تعبه و انهاكه طوال اليوم في العمل و مشاكله مع مديره و زملائه و ازدحام الطريق الذي يشد الاعصاب و ما الى ذلك حتى و ان لم تكن منطقية . و انت ايضا عزيزي الزوج قدر تعب زوجتك و انغماسها طوال اليوم في قضاء شؤون البيت و اعداد وجبات تحبها و بذلها مجهودا جبارا في تربية اطفالك و حرمان نفسها من ابسط حقوقها لتهيئ لك افضل الاجواء التي تريحك و تسعدك اثناء عودتك . التمس العذر و قدر تعبها فلا باس ان اتصفت بالحلم و الرصانة .
4/ احسنا الظن في بعضكما . و لا تهولا الامور دون داع . و لا تسمحا للافكار السلبية الشيطانية من اختراق جدار البيت . ظنا خيرا في بعضكما طوال الوقت . فلا يوجد سعادة او استقرار بدون حسن الظن و الثقة و الصدق فهي اسس البيت السعيد.
5/ناقشا اي مشكلة سويا بهدوء و تفهم بعيدا عن الاطفال ان استطعتما . و الا فانتما الان في وضعية القدوة لذلك جسدا لاطفالكم شخصية الاب او الام الواعية المتفهمة الحضارية التي تجد حلول لجميع المشاكل بالنقاش و الهدوء و الحوار .
6/ اتفقا على موعد قريب بعيدا عن الاطفال و ناقشا كل الامور الهامة التي تثير الجدال بينكما و حاولا ايجاد حل حاسم
7/ تذكرا دائما مقدار الحب الذي جمعكما . ايتها الزوجة الفاضلة تذكري اللحضات الجميلة التي قضيتماها سويا و افضاله عليك و احسانه اليك في العديد من المرات . نعم لا تدعي الخصام و المشاكل تفرق بينكما و تحرمكما من الحب و المودة . تذكري كيف كان يجلب لكي ما تتمنينه و كيف كان ياخذك لاي مكان تريدينه و غيرها من اللحضات الرومانسية و الذكريات الجميلة .
8/ تنازلا من اجل اطفالكما . تنازلا حقيقيا لا مزيفا . تنازلا يضمن لكليكما كرامته و شخصيته . تعاهدا ان لا تسمحا للماضي باتعاس المستقبل او حتى التسلل اليه . تذكرا اهمية الوالدين و الاسرة على الطفل و لا تغفلا عن كل التاثيرات التي ذكرناها و لا تظنا ان الامر بسيط .
9/ لا تسمحا لاي طرف بالدخول بينكما . فقط الجا الى الاستشاري النفسي و الاسري و اعرضا عليه مشاكلكما. فهو افضل بكثير من التسرع في اتخاذ قرار الطلاق .
10/ اياكما ان تستخدما الابناء كوسيلة للضغط على الطرف الاخر . حلا مشاكلكما بعيدا عن الاطفال .
العلاقة الزوجية من اكثر العلاقة صعوبة و حلاوة في نفس الوقت . فهي تحتاج الى الكثر من الجهد و الصبر و التضحية و الى التنازلات ايضا من كلا الطرفين . ليعم الود و الرحمة و الحب بين الزوجين اولا و مع اطفالهم ثانيا . فلا تدعا هذا العش الزوجي الذهبي ينهدم بسبب الضغوطات اليومية او الشكوك و الظنون . فكل انسان معرض للابتلاءات و الاختبارات في حياته فلا تدع شهواتك تفسد حياتك مع زوجتك و ابنائك و لا تجعلهم حجة عليك يوم الحساب . و ان اقتضى الامر في النهاية الى الانفصال , ارجوك لا تنسى ان اطفالك ابرياء لا ذنب لهم . فهم الان في امس الحاجة اليك , ابق سندهم اهتم بهم و ارعاهم كي لا يؤثر انفصالكما عليهم بشكل كبير .
و نختم حديثنا هذا بالدعاء للجميع بصلاح الحال و السكينة و الامان . و لا ننسى وصية رسولنا الحبيب صلى الله عليه و سلم “لا تغضب”.